و من قبل ما مثّلوا بالصّالحين كلّ مثلة و سمّوا صدقهم على اللّه فرية و جعلوا في الحسنة العقوبة السّيّئة و قد بعث اللّه عزّ و جلّ إليكم رسولا من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و أنزل عليه كتابا عزيزا لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد قرآنا عربيّا غير ذي عوج لينذر من كان حيّا و يحقّ القول على الكافرين فلا يلهينّكم الأمل و لا يطولنّ عليكم الأجل،فإنّما أهلك من كان قبلكم أمد أملهم و تغطية الآجال عنهم حتّى نزل بهم الموعود الّذي تردّ عنه المعذرة و ترفع عنه التّوبة و تحلّ معه القارعة و النّقمة و قد أبلغ اللّه عزّ و جلّ إليكم بالوعد و فصّل لكم القول و علّمكم السّنّة و شرح لكم المناهج ليزيح العلّة و حثّ على الذّكر و دلّ على النّجاة و إنّه من انتصح للّه و اتّخذ قوله دليلا هداه للّتي هي أقوم و وفّقه للرّشاد و سدّده و يسّره للحسنى،فإنّ جار اللّه آمن محفوظ و عدوّه خائف مغرور،فاحترسوا من اللّه عزّ و جلّ بكثرة الذّكر و اخشوا منه بالتّقى و تقرّبوا إليه بالطّاعة فإنّه قريب مجيب قال اللّه عزّ و جلّ: وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ فاستجيبوا للّه و آمنوا به و عظّموا اللّه الّذي لا ينبغي لمن عرف عظمة اللّه أن يتعظّم فإنّ رفعة الّذين يعلمون ما عظمة اللّه أن يتواضعوا له و عزّ الّذين يعلمون ما جلال اللّه أن يذلّوا له و سلامة الّذين يعلمون ما قدرة اللّه أن يستسلموا له،فلا ينكرون أنفسهم بعد حدّ المعرفة و لا يضلّون بعد الهدى،فلا تنفروا من الحقّ نفار الصّحيح من الأجرب و البارئ من ذي السّقم.
و اعلموا أنّكم لن تعرفوا الرّشد حتّى تعرفوا الّذي تركه و لم تأخذوا بميثاق الكتاب حتّى تعرفوا الّذي نقضه،و لن تمسّكوا به حتّى تعرفوا الّذي نبذه،و لن تتلوا الكتاب حقّ تلاوته حتّى تعرفوا الّذي حرّفه؛و لن تعرفوا الضّلالة حتّى تعرفوا الهدى،و لن تعرفوا التّقوى حتّى تعرفوا الّذي تعدّى،فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع و التّكلّف و رأيتم الفرية على اللّه و على رسوله و التّحريف لكتابه و رأيتم كيف هدى اللّه من هدى فلا يجهلنّكم الّذين لا يعلمون،إنّ علم القرآن ليس يعلم ما هو إلاّ من ذاق طعمه،فعلّم بالعلم جهله و بصّر به عماه و سمّع به صممه و أدرك به علم ما فات و حيي به بعد إذ مات و أثبت عند اللّه عزّ ذكره الحسنات و محا به السّيّئات و أدرك به رضوانا من اللّه تبارك و تعالى فاطلبوا ذلك من عند أهله خاصّة فإنّهم خاصّة نور يستضاء به و أئمّة يقتدى بهم و هم عيش العلم و موت الجهل هم الّذين يخبركم حكمهم عن علمهم و صمتهم عن منطقهم و ظاهرهم عن باطنهم لا يخالفون الدّين و لا يختلفون فيه فهو بينهم شاهد صادق و صامت ناطق فهم من شأنهم شهداء بالحقّ و مخبر صادق لا يخالفون الحقّ و لا يختلفون فيه،قد خلت لهم من اللّه السّابقة و مضى فيهم من اللّه عزّ و جلّ حكم صادق و في ذلك ذكرى للذّاكرين فاعقلوا الحقّ إذا سمعتموه عقل رعاية و لا تعقلوه عقل رواية فإنّ رواة الكتاب كثير و رعاته قليل و اللّه المستعان.
ادامه مطلب(ترجمه)👇👇