مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بابُها ، فَمَنْ أَرادَ الْمَدِينَةَ وَالْحِكْمَةَ فَلْيَأْتِها مِنْ بابِها ، ثُمَّ قالَ : أَنْتَ أَخِي وَوَصِيِّي وَوارِثِي ، لَحْمُكَ مِنْ لَحْمِي ، وَدَمُكَ مِنْ دَمِي ، وَسِلْمُكَ سِلْمِي ، وَحَرْبُكَ حَرْبِي ، وَالْإِيمانُ مُخالِطٌ لَحْمَكَ وَدَمَكَ كَمَا خالَطَ لَحْمِي وَدَمِي ، وَأَنْتَ غَداً عَلَى الْحَوْضِ خَلِيفَتِي ، وَأَنْتَ تَقْضِي دَيْنِي ، وَتُنْجِزُ عِداتِي ، وَشِيعَتُكَ عَلَىٰ مَنابِرَ مِنْ نُورٍ مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ حَوْلِي فِي الْجَنَّةِ وَهُمْ جِيرانِي ، وَلَوْلا أَنْتَ يَا عَلِيُّ لَمْ يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدِي ، وَكانَ بَعْدَهُ هُدىً مِنَ الضَّلالِ ، وَنُوراً مِنَ الْعَمىٰ ، وَحَبْلَ اللّٰهِ الْمَتِينَ ، وَصِراطَهُ الْمُسْتَقِيمَ لَايُسْبَقُ بِقَرابَةٍ فِي رَحِمٍ ، وَلَا بِسابِقَةٍ فِي دِينٍ ، وَلَا يُلْحَقُ فِي مَنْقَبَةٍ مِنْ مَناقِبِهِ ، يَحْذُو حَذْوَ الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِما وَآلِهِما ، وَيُقاتِلُ عَلَى التَّأْوِيلِ ، وَلَا تَأْخُذُهُ فِي اللّٰهِ لَوْمَةُ لائِمٍ ، قَدْ وَتَرَ فِيهِ صَنادِيدَ الْعَرَبِ ، وَقَتَلَ أَبْطالَهُمْ ، وَناوَشَ ذُؤْبانَهُمْ ، فَأَوْدَعَ قُلُوبَهُمْ أَحْقاداً بَدْرِيَّةً وَخَيْبَرِيَّةً وَحُنَيْنِيَّةً وَغَيْرَهُنَّ ، فَأَضَبَّتْ عَلَىٰ عَداوَتِهِ ، وَأَكَبَّتْ عَلَىٰ مُنابَذَتِهِ ، حَتَّىٰ قَتَلَ النَّاكِثِينَ وَالْقاسِطِينَ وَالْمارِقِينَ ، وَلَمَّا قَضىٰ نَحْبَهُ وَقَتَلَهُ أَشْقَى الْآخِرِينَ يَتْبَعُ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ لَمْ يُمْتَثَلْ أَمْرُ رَسُولِ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي الْهادِينَ بَعْدَ الْهادِينَ ، وَالْأُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلَىٰ مَقْتِهِ ، مُجْتَمِعَةٌ عَلَىٰ قَطِيعَةِ رَحِمِهِ ، وَ إِقْصاءِ وُلَْدِهِ ، إِلّا الْقَلِيلَ مِمَّنْ وَفَىٰ لِرِعايَةِ الْحَقِّ فِيهِمْ فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ ، وَسُبِيَ مَنْ سُبِيَ ، وَأُقْصِيَ مَنْ أُقْصِيَ ، وَجَرَى الْقَضاءُ لَهُمْ بِمَا يُرْجىٰ لَهُ حُسْنُ الْمَثُوبَةِ ، إِذْ كانَتِ الْأَرْضُ لِلّٰهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴿وَسُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً﴾ ، وَلَنْ يُخْلِفَ اللّٰهُ وَعْدَهُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، فَعَلَى الْأَطائِبِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِما وَآلِهِما فَلْيَبْكِ الْباكُونَ ، وَ إِيَّاهُمْ فَلْيَنْدُبِ النَّادِبُونَ ، وَ لِمِثْلِهِمْ فَلْتَذْرِفِ الدُّمُوعُ ، وَلْيَصْرُخِ الصَّارِخُونَ ، وَيَضِجَّ الضَّاجُّونَ ، وَيَعِجَّ الْعاجُّونَ ، أَيْنَ الْحَسَنُ ؟ أَيْنَ الْحُسَيْنُ ؟ أَيْنَ أَبْناءُ الْحُسَيْنِ ؟ صالِحٌ بَعْدَ صالِحٍ ، وَصادِقٌ بَعْدَ صادِقٍ ، أَيْنَ السَّبِيلُ بَعْدَ السَّبِيلِ أَيْنَ الْخِيَرَةُ بَعْدَ الْخِيَرَةِ ؟ أَيْنَ الشُّمُوسُ الطَّالِعَةُ أَيْنَ الْأَقْمارُ الْمُنِيرَةُ ؟ أَيْنَ الْأَنْجُمُ الزَّاهِرَةُ ؟ أَيْنَ أَعْلامُ الدِّينِ وَقَواعِدُ الْعِلْمِ أَيْنَ بَقِيَّةُ اللّٰهِ الَّتِي لَاتَخْلُو مِنَ الْعِتْرَةِ الْهادِيَةِ ؟ أَيْنَ الْمُعَدُّ لِقَطْعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ أَيْنَ الْمُنْتَظَرُ لِإِقامَةِ الْأَمْتِ وَالْعِوَجِ أَيْنَ الْمُرْتَجىٰ لِإِزالَةِ الْجَوْرِ وَالْعُدْوانِ أَيْنَ الْمُدَّخَرُ لِتَجْدِيدِ الْفَرائِضِ وَالسُّنَنِ أَيْنَ الْمُتَخَيَّرُ لِإِعادَةِ الْمِلَّةِ وَالشَّرِيعَةِ أَيْنَ الْمُؤَمَّلُ لِإِحْياءِ الْكِتابِ وَحُدُودِهِ أَيْنَ مُحْيِي مَعالِمِ الدِّينِ وَأَهْلِهِ ؟ أَيْنَ قاصِمُ شَوْكَةِ الْمُعْتَدِينَ ؟ أَيْنَ هادِمُ أَبْنِيَةِ الشِّرْكِ وَالنِّفاقِ أَيْنَ مُبِيدُ أَهْلِ الْفُسُوقِ وَالْعِصْيانِ وَالطُّغْيانِ أَيْنَ حاصِدُ فُرُوعِ الغی والشقاق أَيْنَ طامِسُ آثارِ الزَّيْغِ وَالْأَهْواءِ أَيْنَ قاطِعُ حَبائِلِ الْكِذْبِ وَالافْتِراءِ أَيْنَ مُبِيدُ الْعُتاةِ وَالْمَرَدَةِ أَيْنَ مُسْتَأْصِلُ أَهْلِ الْعِنادِ وَالتَّضْلِيلِ وَالْإِلْحادِ أَيْنَ مُعِزُّ الْأَوْلِياءِ وَمُذِلُّ الْأَعْداءِ أَيْنَ جامِعُ الْكَلِمَةِ عَلَى التَّقْوىٰ أَيْنَ بابُ اللّٰهِ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتىٰ أَيْنَ وَجْهُ اللّٰهِ الَّذِي إِلَيْهِ يَتَوَجَّهُ الْأَوْلِياءُ أَيْنَ السَّبَبُ الْمُتَّصِلُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّماءِ أَيْنَ صاحِبُ يَوْمِ الْفَتْحِ وَناشِرُ رايَةِ الْهُدىٰ أَيْنَ مُؤَلِّفُ شَمْلِ الصَّلاحِ وَالرِّضا؛أَيْنَ الطَّالِبُ بِذُحُولِ الْأَنْبِياءِ وَأَبْناءِ الْأَنْبِياءِ أَيْنَ الطَّالِبُ بِدَمِ الْمَقْتُولِ بِكَرْبَلاءَ أَيْنَ الْمَنْصُورُ عَلَىٰ مَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْهِ وَافْتَرىٰ أَيْنَ الْمُضْطَرُّ الَّذِي يُجابُ إِذا دَعا أَيْنَ صَدْرُ الْخَلائِقِ ذُو الْبِرِّ وَالتَّقْوىٰ أَيْنَ ابْنُ النَّبِيِّ ال