ثُمَّ انْظُرْ فِی حَالِ کُتَّابِکَ فَوَلِّ عَلَى أُمُورِکَ خَیْرَهُمْ، وَاخْصُصْ رَسَائِلَکَ الَّتِی تُدْخِلُ فِیهَا مَکَایِدَکَ وَأَسْرَارَکَ بِأَجْمَعِهِمْ لِوُجُوهِ صَالِحِ الاَْخْلاَقِ مِمَّنْ لاَ تُبْطِرُهُ الْکَرَامَةُ، فَیَجْتَرِئَ بِهَا عَلَیْکَ فِی خِلاَف لَکَ بِحَضْرَةِ مَلاَ وَلاَ تَقْصُرُ بِهِ الْغَفْلَةُ عَنْ إِیرَادِ مُکَاتَبَاتِ عُمِّالِکَ عَلَیْکَ، وَإِصْدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَى الصَّوَابِ عَنْکَ، فِیمَا یَأْخُذُ لَکَ وَیُعْطِی مِنْکَ، وَلاَ یُضْعِفُ عَقْداً اعْتَقَدَهُ لَکَ، وَلاَ یَعْجِزُ عَنْ إِطْلاَقِ مَا عُقِدَ عَلَیْکَ، وَلاَ یَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِی الاُْمُورِ، فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ یَکُونُ بِقَدْرِ غَیْرِهِ أَجْهَلَ. ثُمَّ لاَ یَکُنِ اخْتِیَارُکَ إِیَّاهُمْ عَلَى فِرَاسَتِکَ وَاسْتِنَامَتِکَ وَحُسْنِ الظَّنِّ مِنْکَ، فَإِنَّ الرِّجَالَ یَتَعَرَّضُونَ لِفِرَاسَاتِ الْوُلاَةِ بِتَصَنُّعِهِمْ وَحُسْنِ خِدْمَتِهِمْ، وَلَیْسَ وَرَاءَ ذَلِکَ مِنَ النَّصِیحَةِ وَالاَْمَانَةِ شَیْءٌ. وَلَکِنِ اخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِینَ قَبْلَکَ، فَاعْمِدْ لاَِحْسَنِهِمْ کَانَ فِی الْعَامَّةِ أَثَراً، وَأَعْرَفِهِمْ بِالاَْمَانَةِ وَجْهاً، فَإِنَّ ذَلِکَ دَلِیلٌ عَلَى نَصِیحَتِکَ لِلَّهِ وَلِمَنْ وُلِّیتَ أَمْرَهُ. وَاجْعَلْ لِرَأْسِ کُلِّ أَمْر مِنْ أُمُورِکَ رَأْساً مِنْهُمْ، لاَ یَقْهَرُهُ کَبِیرُهَا وَلاَ یَتَشَتَّتُ عَلَیْهِ کَثِیرُهَا، وَمَهْمَا کَانَ فِی کُتَّابِکَ مِنْ عَیْب فَتَغَابَیْتَ عَنْهُ أُلْزِمْتَه.