ثم انحني عليه و اعتنقه، و جعل يقبل موضع السيوف من وجهه و نحره و صدره
ثم حمل علي القوم، فأخذ يضرب فيهم، و هو يقول: «الي أين تفرون و قد فتتم عضدي»؟ ثم رجع الي أخيه، و انحني عليه يقبله و يبکي، ففاضت نفس العباس المقدسة و رأسه في حجر أخيه.
أقول: المعروف عند أرباب المقاتل: أن الحسين عليهالسلام ترک أخاه العباس في مکانه حول المسناة، و قام عنه بعدما فاضت نفسه الزکية، و لم يحمله الي الفسطاط الذي کان يحمل القتلي من أهل بيته و أصحابه اليه.
و لعل السر في ذلک - کما ذکره بعض الأکابر - کثرة ما أصاب العباس عليهالسلام من الجراحات، لأن الأعداء قطعوه بسيوفهم اربا اربا.
و يؤيد ذلک ما ذکره بعض أرباب المقاتل: من أن السجاد عليهالسلام حينما جاء القتلي في اليوم الثالث عشر من المحرم، ذکر له بنو أسد بعد دفن القتلي بطلا مطروحا حول المسناة کلما حملوا منه جانبا سقط الآخر من کثرة الجراحات.
أو لعل السر في ذلک: أن العباس عليهالسلام حيث کان آخر من قتل من أصحاب الحسين و أهل بيته - علي ما هو التحقيق - فهد مقتله الحسين و قصم ظهره، و لم يکن عنده من يعينه و يساعده علي حمله الي المخيم، و لم يستطع حمله بنفسه المقدسة ......
.