💠تفاوت عبادت عارفین و غیرعارفین
🔰علامه طباطبایی (ره)
🔺طريق معرفة النفس ... هو أن يوجّه الإنسان وجهه للحقّ سبحانه و ينقطع عن كلّ صارف شاغل عن نفسه إلى نفسه حتّى يشاهد نفسه كما هي و هي محتاجة بذاتها إلى الحقّ سبحانه.
🔺و ما هذا شأنه لا ينفكّ مشاهدته عن مشاهدة مقوّمه. فإذا شاهد الحقّ سبحانه عرفه معرفة ضروريّة، ثمّ عرف نفسه به حقيقة؛ لكونها قائمة الذات به سبحانه، ثمّ يعرف كلّ شيء به تعالى.
🔺 ... و بالجملة، فإذا شاهد ربّه عرفه و عرف نفسه و كلّ شيء به و حينئذ يقع التوجّه العبادي موقعه و يحلّ محلّه؛ إذ بدونه كلّ ما توجّهنا إليه فقد تصوّرنا شيئا كائنا ما كان. و هذا المفهوم المتصوّر، و الصورة الذهنيّة، و كذا مطابقة المحدود المتوهّم غيره سبحانه، فالمعبود غير المقصود. و هذا حال عبادة غير العارفين من العلماء باللّه، و قبول هذا النحو من العبادة مع ما عرفت من شأنها من فضل اللّه تعالى محضا. قال سبحانه: وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً.
🔺و هذا بخلاف عبادة العارفين باللّه المخلصين له فإنّهم لا يتوجّهون في عبادتهم لا إلى مفهوم و لا إلى مطابق مفهوم بل إلى ربّهم جلّت عظمته و بهر سلطانه.
🔺قال سبحانه: "سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ* إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ". و من هنا يظهر أنّ المراد بالمخلصين هم الذين أخلصوا (بالبناء للمجهول) للّه سبحانه، فلا حجاب بينهم و بينه و إلّا لم يقع وصفهم موقعه. و حيث إنّ الخلق هم الحجاب كما قال سيّدنا موسى بن جعفر عليه السّلام: «ليس بينه و بين خلقه حجاب إلّا خلقه» - الحديث، فهم لا يرون الخلق و إنّما يقصدون الحقّ سبحانه.
🔺و في تفسير العسكري عليه السّلام: و قال محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام: «لا يكون العبد عابدا للّه حقّ عبادته حتّى ينقطع عن الخلق كلّهم إليه، فحينئذ يقول: هذا خالص لي فيقبله بكرمه».
🔺و قال جعفر بن محمّد عليه السّلام: «ما أنعم اللّه على عبد أجلّ من أن لا يكون في قلبه مع اللّه غيره» و قال محمّد بن عليّ يعني الجواد عليه السّلام: «أفضل العبادة الإخلاص».
🔺و ممّا مرّ من البيان أيضا يظهر معنى قوله سبحانه حكاية عن إبليس: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ، و قوله سبحانه: فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ* إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ الآيات. إذ هؤلاء مستغرقون فيه سبحانه، و لا يرون إبليس، و لا وسوسته و لا إحضارا، و لا حسابا، و إليه الإشارة في الحديث القدسي: «أوليائي تحت قبائي، أو ردائي»
#اخلاق_و_عرفان
#در_محضر_علامه
@fater290