💢ما ذا يقول القرآن؟ 🔰علامه طباطبایی 🔅و اختيار المذاهب الخاصة و اتخاذ المسالك و الآراء المخصوصة و إن كان معلولا لاختلاف الأنظار العلمية أو لشي‌ء آخر كالتقاليد و العصبيات القومية، و ليس هاهنا محل الاشتغال بذلك، إلا أن هذا الطريق من البحث أحرى به أن يسمى تطبيقا لا تفسيرا.  🔅ففرق بين أن يقول الباحث عن معنى آية من الآيات: ما ذا يقول القرآن؟ أو يقول: ما ذا يجب أن نحمل عليه الآية؟ فإن القول الأول يوجب أن ينسى كل أمر نظري عند البحث، و أن يتكي على ما ليس بنظري، و الثاني يوجب وضع النظريات في المسألة و تسليمها و بناء البحث عليها، و من المعلوم أن هذا النحو من البحث في الكلام ليس بحثا عن معناه في نفسه.  🔅...و أنت بالتأمل في جميع هذه المسالك المنقولة في التفسير تجد: أن الجميع مشتركة في نقص و بئس النقص، و هو تحميل ما أنتجه الأبحاث العلمية أو الفلسفية من خارج على مداليل الآيات، فتبدل به التفسير تطبيقا و سمي به التطبيق تفسيرا، و صارت بذلك حقائق من القرآن مجازات، و تنزيل عدة من الآيات تأويلات.  و لازم ذلك (كما أومأنا إليه في أوائل الكلام) أن يكون القرآن الذي يعرف‌ نفسه (بأنه هدى للعالمين و نور مبين و تبيان لكل شي‌ء) مهديا إليه بغيره و مستنيرا بغيره و مبينا بغيره، فما هذا الغير! و ما شأنه! و بما ذا يهدي إليه! و ما هو المرجع و الملجأ إذا اختلف فيه! و قد اختلف و اشتد الخلاف.  🔅و كيف كان فهذا الاختلاف لم يولده اختلاف النظر في مفهوم (مفهوم اللفظ المفرد أو الجملة بحسب اللغة و العرف العربي) الكلمات أو الآيات، فإنما هو كلام عربي مبين لا يتوقف في فهمه عربي و لا غيره ممن هو عارف باللغة و أساليب الكلام العربي.  🔅و ليس بين آيات القرآن (و هي بضع آلاف آية) آية واحدة ذات إغلاق و تعقيد في مفهومها بحيث يتحير الذهن في فهم معناها، و كيف! و هو أفصح الكلام و من شرط الفصاحة خلو الكلام عن الإغلاق و التعقيد، حتى أن الآيات المعدودة من متشابه القرآن كالآيات المنسوخة و غيرها، في غاية الوضوح من جهة المفهوم، و إنما التشابه في المراد منها و هو ظاهر. و إنما الاختلاف كل الاختلاف في المصداق الذي ينطبق عليه المفاهيم اللفظية من مفردها و مركبها، و في المدلول التصوري و التصديقي.  🔅و سنضع ما تيسر لنا بعون الله سبحانه من الكلام على هذه الطريقة في البحث عن الآيات الشريفة في ضمن بيانات، قد اجتنبنا فيها عن أن نركن إلى حجة نظرية فلسفية أو إلى فرضية علمية، أو إلى مكاشفة عرفانية.  🔅و احترزنا فيها عن أن نضع الأنكتة أدبية يحتاج إليها فهم الأسلوب العربي أو مقدمة بديهية أو عملية لا يختلف فيها الأفهام.  🔅و أما آيات الأحكام، فقد اجتنبنا تفصيل البيان فيها لرجوع ذلك إلى الفقه.  🔅و قد أفاد هذه الطريقة من البحث ارتفاع التأويل بمعنى الحمل على المعنى المخالف للظاهر من بين الآيات، و أما التأويل بالمعنى الذي يثبته القرآن في مواضع من الآيات، فسترى أنه ليس من قبيل المعاني.  🔅ثم وضعنا في ذيل البيانات متفرقات من أبحاث روائية نورد ما تيسر لنا إيراده من الروايات المنقولة عن النبي ص و أئمة أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين من طرق العامة و الخاصة، و أما الروايات الواردة عن مفسري الصحابة و التابعين. فإنها على ما فيها من الخط و التناقض لا حجة فيها على مسلم.  🔅و سيطلع الباحث المتدبر في الروايات المنقولة عنهم (ع)، أن هذه الطريقة الحديثة التي بنيت عليها بيانات هذا الكتاب، أقدم الطرق المأثورة في التفسير التي سلكها معلموه سلام الله عليهم.  🔅ثم وضعنا أبحاثا مختلفة، فلسفية و علمية و تاريخية و اجتماعية و أخلاقية، حسب ما تيسر لنا من البحث، و قد آثرنا في كل بحث قصر الكلام على المقدمات المسانخة له، من غير تعد عن طور البحث.  📚 الميزان في تفسير القرآن، ج‌1، ص: 9 @almorsalaat