العرفان الإسلامي: ركيزة لبناء البنية التحتية للتقارب الاجتماعي نص الكلمة الملقاة في جلسة الحوار الثقافي بين إيران وتونس ⬅️ في جوهرها، تتشابك المفاهيم الإسلامية بعمق مع النسيج الاجتماعي والثقافي، فلا تُعتبر هذه المفاهيم منعزلة عن الواقع المعاش. من هذا المنطلق، يشكل التحميل الاجتماعي للمفاهيم الإسلامية أحد الأركان الأساسية في بنية المجتمع. فالمفاهيم العرفانية، على وجه الخصوص، تمتاز بقدرتها الباهرة على استيعاب هذا التحميل الاجتماعي والاضطلاع بأدوار حيوية في المجتمع. ⬅️ على سبيل المثال، يبرز ذكر الله كمفهوم جوهري في العرفان الإسلامي، والذي يمكن أن يكون بمثابة منطلق للسير نحو وضع اجتماعي جيد. حين نتذكر الله الذي هو إله لجميع البشر والأديان، نتخلص من التعصب، وعندما يتجسد الصدق فينا لأن الله صادق، ينغرس هذا الصدق في وعودنا وأقوالنا. ⬅️ في القرآن الكريم، نجد العديد من الآيات التي تؤكد على ضرورة العدل حتى مع الأعداء، رابطًا هذا العدل بالتقوى وذكر الله. كما في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" (المائدة: 8). في هذه الآية، يُلزم الله المؤمنين بأن يكونوا قوامين بالقسط، وألا يدفعهم كرههم لأحد إلى الظلم، بل يحثهم على العدل لأنه أقرب إلى التقوى، مما يبرز الربط الوثيق بين العدالة والتقوى. هذا الربط العميق بين العدالة والتقوى يشير إلى أن وجود التقوى يعني حتمًا وجود العدالة، والعكس صحيح؛ فالعدالة تؤدي بدورها إلى تعزيز التقوى. إن مفهوم التقوى هنا ليس مجرد حالة روحية بل هو وسيلة لتحقيق العدالة في المجتمع. ⬅️ بالإضافة إلى ذلك، يقول تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا" (النساء: 58) هذه الآية تجسد فكرة أن الالتزام بالعدل الاجتماعي ينبع من إدراكنا أن الله سميع بأقوالنا بصير بأفعالنا (إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) مما يعزز العدالة كمبدأ أساسي في الحياة المجتمعية. ⬅️ بإطلاق العرفان الإسلامي من حبسه وحصره، يمكن لهذا العرفان أن يبني أسساً فكرية واجتماعية فعالة في المجتمع. فهو ليس مجرد تأمل عرفاني، بل مصدر ديناميكي يحفز التحول الاجتماعي، حيث يخلق البنية التحتية الفكرية والاجتماعية الضرورية لتحقيق مجتمع متماسك وعادل. ⬅️العشق بالله ليس مجرد شعور يسكن في أعماق النفس، بل هو ينبوع متدفق يتجاوز الذات ليصل إلى كل من حولنا. إنه حالة من السمو الروحي تجعل قلوبنا تغمرها محبة صافية لكل البشر، الذين هم في نهاية المطاف عيال الله وأحبابه. هذا العشق يحمل معه رسالة نبيلة من الخدمة والتفاني، حيث تتحول قلوبنا إلى منازل دافئة تحتضن الآخرين برعاية وحنان. يصبح العشق بالله مرآة تعكس أنبل معاني الإنسانية، فنغدو نوراً يهتدي به كل من يحتاج إلى لمسة حب ودفء.